الإثنين، 23 ديسمبر 2024

04:27 م

اسلام حويلة يكتب :كارت “الباشا”.. ترخيص بالقتل

hhhhhh

hhhhhh


عندما أتذكر كيفية حصولى على رخصة القيادة.. تنتابنى الدهشة مما يحدث فى مصر، كنت واقفا فى أحد المحال فى يناير عام 1996 فى منطقة باب الشعرية، أنتظر دورى فى الطلب، جاء أحد أصدقاء “خالى”، ليسلم على.. ويتوجه إلى شاب آخر يقف معنا بالحديث.. سوف أحضر لك الكارت بعد “بكرة”.. أنا مش ناسيك.. بس الباشا كان إجازة ورجع، وتقدر تطلع الرخصة فورا فى تانى يوم، فبادرت الرجل قائلا: لا تنسانى أنا كذلك.. فأشار برأسه بالموافقة.
ومر يومان بالفعل حتى وجدت اتصالا من خالى، يخبرنى أن صديقه قام يبحث عنى ليعطينى كارت “الباشا”، للذهاب لوحدة المرور واستخراج الرخصة!
كان الموقف غريبا.. فأنا لا أعرف القيادة على الإطلاق.. ولا أعرف كيفية الحصول على الرخصة، فبادرنى خالى بأن أذهب لاستخراج شهادتين طبيتين.. إحداهما نظر والأخرى باطنة، من أى مستوصف.. قيمة الشهادة الواحدة خمسة جنيهات.
وعلى الفور ذهبت وقابلت الطبيب.. الذى سألنى: هل تعانى أى مرض؟.. فقلت له: لا.. فقام بمنحى شهادة الباطنة.. أما طبيب العيون فوجد النظارة الطبية.. فأصر على إجراء كشف نظر.. وكتب فى الشهادة أن نظرى ضعيف ويلزم ارتداء نظارة طبية.. وقال لى إننى يجب أن أستخرج صورا فوتوغرافية بالنظارة وإلا فلن تتم إجراءات الرخصة، وكالعادة لم أهتم على الإطلاق.. فأنا أحمل كارت “الباشا”.
وبالفعل ذهبت فى اليوم التالى لوحدة المرور الخاصة بى ومعى الكارت، فاستقبلى رئيس الوحدة ورحب بى، وأخذ الكارت وقام بالنداء على العسكرى الواقف وأمره بإنهاء الرخصة على الفور..
فى 10 دقائق كنت أحمل رخصة قيادة رسمية (الكارتون.. لم تكن الرخص المميكنة ظهرت بعد)، وأنا لا أعرف القيادة.
وفى ظل احترام القانون.. كنت الوحيد من بين أصدقائى الذى يحق لى قانونا قيادة السيارة.. رغم أننى الوحيد بينهم الذى لا أعرف القيادة.. فكنت الصديق اللازم وجوده فى أى مشوار نستخدم فيه أى سيارة من سيارات عائلاتنا! وحتى والدى لم يمانع فى إعطائى سيارته ما دام معى الرخصة.
أتذكر هذه القصة كلما قرأت خبرا أو شاهدت حادثة على الطريق.. فأن تستيقظ على خبر مقتل 38 وإصابة 40 مواطن فى حادث سير أمر ليس باليسير.. تقوم الدنيا ولا تقعد عندما تحدث حادثة إرهابية تسفر عن استشهاد جنودنا.. لكننا نتعامل مع حوادث الطرق باعتبار أن الدم فى الحالة الأولى حرام.. وأنه فى الثانية أقل درجة فى الحرام.
تحتل مصر المرتبة الأولى عالميًا فى حوادث الطرق، بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، ويبلغ عدد الوفيات الناجمة عنها 12 ألفًا، فيما بلغ عدد المصابين 40 ألفًا فى نهاية عام 2012.
ويتراوح المعدل العالمى لقتلى حوادث الطرق لكل 10 آلاف مركبة، ما بين 10 و12، لكنه يصل فى مصر إلى 25، أى ضعف المعدل العالمى، وأيضا يبلغ عدد قتلى حوادث الطرق لكل 100 كم فى مصر 131 قتيلا، فى حين أن المعدل العالمى يتراوح ما بين 4 و20 قتيلًا، أى أن المعدل فى مصر يزيد على 30 ضعف المعدل العالمى، وأيضا فإن مؤشر قسوة الحادث يوضح أن مصر بها 22 قتيلًا لكل 100 مصاب، فى حين أن المعدل العالمى 3 قتلى لكل 100 مصاب. وعند البحث فى الدراسة نجد أننا على عكس كل دول العالم.. فالحوادث تقع دائما فى شوارع المدينة حيث الزحام.. إلا فى مصر، فالحوادث المميتة تقع على الطرق السريعة!!
جريدة “الديلى نيوز”، نشرت تقريرا تصف فيه صعوبة الحركة المرورية فى مصر، وانتشار حوادث الطرق التى بلغت أكثر من عشرة آلاف حادثة فى 2012، وتصدر المحور باتجاه المهندسين قائمة الحوادث برقم (575) حادثة فى 2012، يليه الطريق الدائرى المتجه من التجمع إلى الأوتوستراد بواقع 490 حادثة، ويقع فى المرتبة الثالثة طريق المحور باتجاه الشيخ زايد بنحو 443 حادثة.
ودائما ما تكون السرعة الزائدة، وانحراف عجلة القيادة السبب فى الحوادث.. وهو أمر معروف لدى جميع إدارات المرور والمعنيين بحوادث الطرق فى مصر.. وحتى الآن لم يتم التدخل لوقف نزيف الدماء الحاصل والمتكرر يوميا.. لدرجة أن وسائل الإعلام والجمهور اعتاد على مثل هذه النوعية من الحوادث وسقوط القتلى، وبالتالى يتم تصنيف هذه النوعية من الحوادث فى درجة متأخرة حسب أولوية النشر.
فى دول العالم التى تحترم الإنسان وتقدر قيمته، لا يتم استخراج رخصة القيادة مثلما حدث معى شخصيا.. وحدث لعشرات الآلاف غيرى.. هناك مدارس متخصصة فى تعليم القيادة (مش أوضة وصالة.. وعربية 128)، هذه المدارس تشرف عليها الدولة بشكل صارم من جميع النواحى.. تبدأ الدراسة فيها بمعنى القيادة وأهميتها، مرورا باحترام المرور وحق الغير، وآخر خطوة فى الدراسة، التطبيق العملى على القيادة.. ويكون القانون رادعا لهذه المدارس فى حالة تم ظهور نوع من المجاملة فى الحصول على رخصة القيادة.
هناك فى الدول المحترمة.. يدركون جيدا أن الحصول على رخصة قيادة بمثابة ترخيص بالقتل والتدمير.. فلا يمكن أن تمنح الدولة ترخيصا لمواطن لديها يتسبب فى قتل وتدمير الآخرين..
تطبيق مثل هذه الأمور فى مصر سهل ويسير إذا بدأنا الخطوة الأولى.. فتشديد العقوبات ليس هو الحل لوقف زهق الأرواح.. نعم هو إجراء فى الحل.. لكن الحل يبدأ منذ البداية.. عند تعلم القيادة.. يجب تأهيل الراغب فى الحصول على الرخصة نفسيا وذهنيا..

نقلا عن جريدة البوابةالموضوعات المتعلقة

هشام الزيني يكتب : البنك المركزي والفرق الثلاثة
عمرو عكاشة يكتب : للتكنولوجيا وجه آخر
هشام الزيني يكتب: صعود. ترنح. سقوط
أسهل الطرق لشراء وبيع السيارات على الإنترنت
انتعاش سوق السيارات في مصر
إقبال المصريين على مواقع الإعلانات المبوبة
هشام الزيني يكتب : التجربة التركية والسويسرية
محمد علي يكتب :هل تتخلص اسبيرانزا من الوهن وتعود بقوة الى السوق
صالح عبد المجيد يكتب : الشرطة عندنا وعندهم
عمرو عكاشة يكتب : الواد بيموت قبل أبوهكلمات مفتاحية: اسلام حويلة |
مقالات الرأي

كتب: admin

من قسم: توب ستوري | مقالات الرأي

مارشدير

اسعار ومواصفات السيارات

البحث حسب الميزانية

البحث حسب الموديل

العودة للأعلى

search