الإثنين، 23 ديسمبر 2024

04:25 م

ماذا تعني زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على السيارات للاتحاد الأوروبي؟


تعتبر ألمانيا الخاسر الأكبر في حال زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على السيارات المستوردة، لأنها تعتبر البلد الرئيسي المنتج للسيارات في أوروبا والمصدر الرئيسي للسيارات للولايات المتحدة، وبسبب تعقيد شبكة التوريد في أوروبا، فإن الضرر قد يلحق كذلك بدول أخرى في أوروبا مثل دول وسط وشرق أوروبا.

وكانت الخلافات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد بدأت منذ يوليو الماضي مع ظهور خطر زيادة الرسوم الجمركية الامريكية على السيارات الاوروبية، فيما بدا أن المفاوضات التي جرت لم تحقق نتائج طيبة على كل المستويات ولم تصل المحادثات التي أجرتها ادارة ترامب الي أية نتائج أو صفقات حقيقية مفيدة.

ويعتبر قطاع السيارات قطاع ذا طبيعة خاصة في أوروبا والصناعة الاوروبية ومصدر كبير للتوظيف كما تعتبر الولايات المتحدة سوق رئيسي للسيارات الأوروبية وفي عام 2017 وصل حجم تصدير السيارات الأوروبية للولايات المتحدة الي 38 مليار دولار مقابل 6 مليار دولار من الواردات الأوروبية من السيارات الامريكية، ومن بين دول الاتحاد الأوروبي فان ألمانيا تعتبر الخاسر الأكبر في حال زادت الولايات المتحدة الرسوم على السيارات بسبب حجم صادراتها للسوق الأمريكي من السيارات.

وسيؤثر القرار الأمريكي في حال زيادة الرسوم بصورة كبيرة على الاتحاد الاوروبي بشكل عام بسبب التاثير السلبي للقرار الذي سيتمدد أثره في كل دول الاتحاد بسبب اعتماد مصنعي السيارات في اوروبا على سلسلة توريدات معقدة لتصنيع السيارات كما أن قرارات ادارة ترامب سيكون لها دور في خلافات حادة بين صناع السياسات في أوروبا ورجال الاقتصاد والاعمال.

وتعد صناعة السيارات هي جزء أساسي من النسيج الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في أوروبا وتوفر الملايين من الوظائف، وتمثل جزء كبير من الناتج الاقتصادي وتشكل مصدرًا دائمًا للابتكار. ووفقا لرابطة مصنعي السيارات الأوروبية، فإن 7.6 مليون شخص، أو 5.7 في المئة من القوى العاملة في أوروبا تعمل في القطاع بالإضافة إلى ذلك، أصبحت سيارات فولكس فاجن الألمانية، ومرسيدس-بنز، وبي إم دبليو، والفرنسية رينو وبيجو، وفيات الإيطالية جزءا من الهوية الوطنية لبلدانهم. ونتيجة لذلك، فإن الاتحاد الأوروبي يحمي سياراته حيث تم وضع العديد من الحواجز غير الجمركية مثل المعايير واللوائح الخاصة بالسيارات التي تجعل من الصعب على شركات صناعة السيارات الاجنبية اختراق السوق الأوروبية. ومن جانب آخر تفرض الولايات المتحدة تعريفة بنسبة 2.5 في المائة على السيارات المستوردة من الاتحاد الأوروبي.

وتنتج ألمانيا وفرنسا، والمملكة المتحدة، وجمهورية التشيك، وإيطاليا وسلوفاكيا 55 في المائة من جميع صادرات السيارات في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة هي الوجهة الرئيسية للسيارات الأوروبية، حيث حصلت على 29 في المائة من الصادرات في عام 2017، تليها الصين (17 في المائة) واليابان (6 في المائة). وستضر التعريفات الأمريكية المرتفعة بقطاع السيارات الأوروبي، لأن الصادرات الأوروبية ستنخفض على الأرجح. لكن التعريفات الجديدة لن تؤثر على جميع الدول الأوروبية بالتساوي، ففي حين أن الولايات المتحدة هي الوجهة الرئيسية للسيارات الألمانيا فان الصادرات الإسبانية أو الفرنسية إلى الولايات المتحدة تكاد لا تذكر، لأن هذه الدول تبيع معظم السيارات في أوروبا وغيرها من الأسواق.

وهكذا كانت ألمانيا داعمة بشكل خاص لاتفاقية التجارة مع الولايات المتحدة، في حين أن أعضاء الاتحاد الأوروبي الآخرين كانوا أكثر تشككًا. وتريد ألمانيا الحفاظ على وصولها إلى سوق الولايات المتحدة، ولكن الدول الأخرى في الاتحاد، مثل فرنسا، راضون عن المستوى الحالي للحماية لقطاع السيارات الأوروبي، فهم لا يكسبون الكثير مثل ألمانيا من تصدير السيارات للسوق الامريكي، وهم قلقون من أن البيت الأبيض سيدفع إلى شمول المنتجات الزراعية. في مفاوضاته التجارية مع الاتحاد الأوروبي.

وسيؤدي ذلك الي اختبار استقرار التحالف الفرنسي الألماني، والشراكة السياسية والاقتصادية الأكثر أهمية في أوروبا، وفي حال نجاح التحالف في الاستمرار، فسيقلل ذلك من فرص التوصل إلى اتفاق مع البيت الأبيض.

وكما أوضحنا في بداية التقرير، فستكون ألمانيا الخاسر الأكبر إذا قامت الولايات المتحدة بفرض رسوم أعلى على سيارات الاتحاد الأوروبي، ولكنها لن تكون الوحيدة لأن العديد من المنتجات لا يتم صنعها في مكان واحد، وتعتمد شركات صناعة السيارات على قطع الغيار والخدمات ويساهم السوق الأوروبي الموحد في هذا الوضع، لأن أجزاء السيارات تتحرك داخل الاتحاد الأوروبي دون دفع أي رسوم جمركية، وهذا العامل يخلق فارقا ملحوظا بين صناعة السيارات الأوروبية وتلك الموجودة في المناطق الأخرى، ونتيجة لذلك، سوف تضر الولايات المتحدة الأمريكية بالمصدرين الأوروبيين الرئيسيين مباشرة ومورديهم بشكل غير مباشر.

وتشكل البلدان في أوروبا الوسطى والشرقية، بما في ذلك جمهورية التشيك وبولندا والمجر وسلوفاكيا، روابط رئيسية في سلسلة التوريد في ألمانيا. وتعتمد شركات صناعة السيارات الفرنسية والإسبانية والإيطالية في الغالب على الموردين الغربيين والأوروبيين الجنوبيين. وسيؤثر انخفاض الصادرات الألمانية إلى الولايات المتحدة على دول وسط وشرق أوروبا أكثر من دول جنوب أوروبا، ولكن لأن الشركات الألمانية أيضا تستورد أجزاء من دول جنوب أوروبا مثل أنظمة التعليق من اسبانيا وعلب التروس من فرنسا والفرامل من إيطاليا، وبعض الشركات في تلك البلدان سوف تتضرر على الرغم من أن شركات صناعة السيارات في تلك البلدان لا تصدر نسب كبيرة مثل ألمانيا الى الولايات المتحدة كما ستتأثر دول أخرى مثل تركيا وتونس وهما يوردان قطع الغيار والخدمات لصناعة السيارات الألمانية.

ويمكن أن يقرر البيت الأبيض فرض تعريفات أعلى على قطع غيار السيارات الأوروبية، ولكن المشكلة أن هذه القطع والمكونات الأوروبية تذهب الي شركات السيارات في أمريكا، وغالبية المكونات التي تصدر من أوروبا لأمريكا تشمل علب التروس، والمحركات وعجلات القيادة وتعد ألمانيا واحدة من الدول الرئيسية في أوروبا التي تقدم مثل هذه الأجزاء إلى الولايات المتحدة.

وعلى مستوى أوروبا، فإن أثر ارتفاع الرسوم من الولايات المتحدة على السيارات والمكونات سيكون متنوع، لأن بعض شركات صناعة السيارات الأوروبية تجمع نماذجها في الولايات المتحدة، ولكن لا تملك كل من شركة أودي وجاجوار لاندروفر وبورشة مصانع تجميع في أمريكا، لذلك فإن جميع مبيعاتها في الولايات المتحدة المبيعات من الواردات. وفي المقابل، تصنع مرسيدس-بنز وBMW في مصانعهما في الولايات المتحدة، حيث يتم تجميع بعض سياراتهم.

وأخيرًا، يجعل خروج بريطانيا Brexit من الاتحاد الأوروبي هذه الدولة العريقة في وضع غير مؤكد في هذا النزاع التجاري. وهي ثاني أكبر مصدر للسيارات للولايات المتحدة بعد ألمانيا، وسوف تحدد شروط خروجها من الاتحاد الأوروبي مستقبل صادراتها إلى أمريكا. وتريد الحكومة البريطانية الخروج من السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي والجمارك ولديها سياسة تجارية مستقلة وقد تستثني الولايات المتحدة بريطانيا من التعريفات الأعلى، لأنها لن تكون عضوًا في الاتحاد. وقد أعرب المسؤولون البريطانيون عن اهتمامهم بتحقيق اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكن مثل هذه الصفقة ستستغرق سنوات للتفاوض والموافقة والتنفيذ.

وتسببت النزاعات التجارية مع الولايات المتحدة لعدم اليقين بشأن مستقبل التجارة العالمية وهو ما يشجع الاتحاد الأوروبي على السعي إلى إبرام اتفاقات تجارية جديدة مع أكبر عدد ممكن من البلدان. وقد توصل مؤخرًا إلى اتفاقيات مع اليابان وكوريا الجنوبية، وهما دولتان بارزتان لصناعة السيارات، مما يدل على أن الاتحاد الأوروبي أصبح أكثر مشاركة في هذه المحادثات التجارية. وفي الوقت نفسه، يضغط الاتحاد الأوروبي على السوق المشتركة للجنوب المعروف بتكتل ميركوسور وكذلك على أستراليا لخفض التعريفات الجمركية على السيارات الأوروبية. ولكن التعريفات الجمركية ليست هي القضية الوحيدة التي يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يتعامل معها مع شركائه، لأن الحواجز غير الجمركية ستشكل عقبة أيضًا.

وفي السنوات الأخيرة، كان العديد من شركات صناعة السيارات الأوروبية يحاول زيادة وجوده في الأسواق الأخرى، وعلى سبيل المثال، نمت صادرات السيارات الأوروبية إلى الصين بنسبة 10 في المائة، وارتفعت الصادرات إلى اليابان بنسبة 11 في المائة من عام 2016 إلى عام 2017. وستظل النزاعات التجارية مع الولايات المتحدة تعطي الشركات الأوروبية المزيد من الأسباب للبحث عن أماكن جديدة لبيع سياراتها..

وتعقيد قطاع السيارات في أوروبا يعني أن تأثير ارتفاع الرسوم الجمركية في الولايات المتحدة على السيارات في أوروبا. سيكون الحجة التي ستقدمها ألمانيا عند مناقشة إستراتيجية الاتحاد الأوروبي مع فرنسا والدول الأخرى التي تشك في تقديم تنازلات للولايات المتحدة. ومن المحتمل أن تدعم البلدان الواقعة على طول سلسلة الإمداد الألمانية، ومعظمها في وسط وشرق أوروبا، موقف برلين، بينما من المرجح أن تعتمد باريس على شركائها في جنوب أوروبا. وقد تم إنشاء اللجنة الثنائية من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وهذا يعني أن التعامل مع البيت الأبيض وتجنب تصعيد النزاعات التجارية سيكون في قلب النقاش الأوروبي بحلول نهاية العام وفي أوائل عام 2019.
مارشدير

اسعار ومواصفات السيارات

البحث حسب الميزانية

البحث حسب الموديل

العودة للأعلى

search